أخبار وتقارير

المفكر عبد الباري طاهر: لن نخرج من أتون حروب الماضي وجرائمه وآثامه إلا بتنحية من شاركوا في كل جرائم الماضي وحروبه

يمنات – خاص

أعد المادة للنشر: أنس القباطي
قال المفكر عبد الباري طاهر: القبيلة في اليمن، كمكون اجتماعي، تستجيب للتجديد و الحداثة، فقد كانت من أوائل من التحق بالثورة وساندها ودعا لحمايتها.
و أضاف في حديثه لبرنامج المشهد الذي بثت حلقاته طوال شهر رمضان الماضي، قناة الساحات، القبيلة لها ارث تاريخي، و لهذا تستجيب للتجديد و الحداثة، غير أن توظيفها من قبل رأس القبيلة – شيخ الضمان – و استخدامها في العمل الحزبي السياسي، الذي بات يشكل عامل اعاقة أمام تحديث القبيلة، و جعلها تؤدي دور بعيدا عن وظيفتها الاجتماعية.
رأس القبيلة انحرف بها
و أوضح أن رأس القبيلة انحرف بوظيفتها الاجتماعية، باتجاه تسيسها و تحزيبها و استغلال عصبيتها القبلية، لإعاقة بناء الدولة و إعاقة النظام والقانون، و لتشكل جزء من الإخلال بالأمن والسلام والاستقرار وقطع الطريق والاختطاف.
و اعتبر أن كل هذا عمل سياسي حزبي طارئ على وظيفة القبيلة وعلى مكونها الأساسي.
و أكد: القبيلة كجسم كان إلى جانب الثورة وشخصيات مهمة جدا من أبناء القبائل في خولان و في البيضاء و في اكثر من منطقة التحقت بالثورة وساندت الثورة وكانت جزء من مكون الشباب الثوري، غير أن البنية المتخلفة وعناصر في البنية المتخلفة في القبيلة لعبت دور لتوظيف القبيلة فيما يخدم أهداف يعملون عليها.
و اعتبر أن التحاق القبيلة بالثورة و دعمها و دعم العمل الشبابي المستقل، كان الملمح الأهم، في حين كان التوظيف السياسي للقبيلة عائق و جانب سلبي.
افتراء على الثورة
و أشار طاهر، أن توظيف القبيلة بهذا الشكل كان جزء من الخلل الذي لحق بالثورة، و الناس ابتهجوا حين التحق كبار مشايخ حاشد ومشايخ الضمان بالثورة، و اعلنوا مساندتهم و حمايتهم لها، و هو ما عده طاهر، خلل وافتراء على الثورة، لأن الثروة لا تحتاج لمن يحميها، الثورة هي التي تحمي نفسها وتحمي اليمن وهي التي تنقل اليمن من مرحلة إلى مرحلة، من مرحلة البنية التقليدية المتخلفة إلى مرحلة جديدة.
قيادات الاسلام السياسي قولبت الثورة
و لفت إلى أن قيادات في الإسلام السياسي التحقت بالثورة بهدف قولبتها وتنميطها والاستيلاء عليها وتوظيفها لاستمرار مشاركتها في الحكم.
و كشف أن القوى التقليدية كلها وبالأخص “علي عبدالله صالح” حاولوا جر الثورة إلى الصراع المسلح، لأن الصراع المسلح هو أرثهم التاريخي ومجدهم الأبدي والإتجار بالحروب، والحروب المستدامة هو أساس حكمهم.
و أوضح أن ما أذهل القوى التقليدية و أذهل الكثير من البلدان العربية والعالم ان هذا الشعب المدجج بالسلاح، و الذي يقال ان فيه مالا يقل عن 60 مليون قطعة سلاح، ينخرط في عمل سلمي وفي ثورة شعبية سلمية ويتخلى عن السلاح.
و أضاف: كنا نلاحظ شباب القبيلة يتوافدون على صنعاء من مختلف قُبل اليمن متخليين عن اسلحتهم ويتعرضون للقتل والاختطاف و الاعتقال و الاغتيال ومع ذلك تمسكوا بسلمية الثورة وطبيعتها، ولا يزال هذا النهج موجود.
تجار الحروب والفتن
و تابع: القوى التي تراهن على الحروب وعلى الفتن وتتاجر بالحروب في غير مكان هي الرأس القبلي التقليدي، و الإسلام الجهادي السياسي، هذه القوى هي التي تاجرت بالسلاح وهي التي تاجرت بالقبيلة.
انقسام القبيلة
و لفت إلى أنه منذ العام 1962م، انقسمت القبيلة وأصبحت انقساماتها واضحة في شيوخها، حيث أصبح الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر، مسيطر على جانب من القبائل وبالأخص حاشد و أصبح علي عبدالله صالح لديه نفوذ أيضا داخل حاشد ولديه نفوذ أيضا في بكيل وفي خولان وفي مناطق مختلفة بواسطة شيوخ هذه القبائل.
و أشار طاهر، القبائل لم يعودوا طوع البنان لمشايخهم ولم يعودوا أيضا لعبة سياسية للقوى الحزبية المختلقة، هناك صحوة في وعي القبيلة، فقد أصبحت القبيلة اقرب ما تكون للمدينة وللمجتمع المدني.
ضعف الأحزاب سبب فجوة بين القبيلة والحداثة
و اعتبر طاهر، أن ضعف الأحزاب السياسية خاصة الأحزاب الحديثة، هو الذي أدى إلى هذا التباطؤ والى هذه الفجوة القائمة حتى اليوم ما بين القبيلة وما بين مؤسسات المجتمع المدني.
و أوضح: الخلل موجود في المجتمع اليمني كله، في مختلف الشرائح، و نتيجة لضعف الدولة يحل محلها المجتمع القبلي، فالمناطق البعيدة تصبح خارج نطاق الدولة، و خارج النظام والقانون.
و لفت إلى أن ما يحصل الان هو ان الدولة بسبب الانشغالات القائمة وبسبب عدم هيكلة الجيش و بسبب عدم صياغة الأمن، و بسبب عدم وجود حكم يرضى به الناس جميعا ويتوافق عليه اليمنيين في الحكومة اليمنية القائمة اليوم على أساس التحاصص والمقاسمة، هو الخلل القائم، الذي تسبب في هذا الوضع الأمني المتردي، و عدم معالجة قضايا الناس اليومية.
تلجيم و عوائق
و اعتبر أن شيوخ القبائل الذين انضموا للثورة ولعبوا دور التلجيم للثورة وشكلوا عائق حتى اليوم للثورة، هؤلاء الآن هم أضعف الناس في مناطقهم.
و أكد أن شيوخ القبائل يضعفوا بالطرد، فيما تقوى إرادة الناس وتقوى إرادة الشباب و إرادة الحياة السياسية و إرادة التنوع والتردد، و المناطق القبلية في تعطش كبير جدا، لأن تصبح مكون من مكونات الهوية اليمنية الجامعة وهؤلاء الذين شكلوا إعاقة في الماضي واستغلوا القبيلة وتاجروا بها اصبحوا الأن اضعف الناس.
ضعف شيوخ القبائل
و قال المفكر عبد الباري طاهر، في سياق حديثه لقناة الساحات: لو نقرأ الحياة السياسية من 5 نوفمبر 1997م، نجد أن تلك الفترة كان الشيخ يشكل فيها ثقل، و كان طغيانه كبير جدا على الدولة، و في حرب صيف 1994م، لعب شيخ القبيلة دور كبير جدا إلى جانب الفتوى الدينية والتوظيف السياسي.
و أكد أن الجميع كان تابع لنفوذ شيخ القبيلة، و مثل العسكري بيدق بيد القبيلة، و الأن بدأ هذا الدور يتضاءل.
حكومة المحاصصة ابقت على نفوذ الشيخ
و اعتبر أن الحكومة القائمة اليوم بموجب مبادرة مجلس التعاون الخليجي، و القائمة على أساس المحاصصة و التقاسم، هي التي ابقت على شيء من النفوذ لشيخ القبيلة.
و أوضح أن الحوثيين غير معزولين عن صراع القبيلة، و ليسوا معزولين عن الصراع القائم في القوى التقليدية القديمة.
و أضاف: كان الحوثيين في الماضي، لديهم مظلومية وكانت كبيرة جدا والناس يتعاطفوا معهم، فتوغلوا في القبيلة، و راهنت القوى التقليدية على أدواتها القديمة بحل أمني وعسكري لقضية الحوثيين، و هو حل خاطئ.
المصالحة والعدالة الانتقالية
و اعتبر أن الحل الذي ينبغي ان يكون، هو وجود مصالحة و وجود عدالة انتقالية و تعويض للناس و تنفيذ مخرجات الحوار وحل قضية صعدة وحل قضية الجنوب على الأساس السياسي وعلى أساس المصالحة الوطنية الشاملة و تحقيق عدالة وإنصاف واعتذار عن جرام الماضي.
و أشار طاهر أن الحكم يغذي الصراعات والحكم و يخلقها أحيانا، فالحكم القائم على أساس المقاسمة الحزبية وعلى أساس صراعات الماضي وعلى أساس قوى الحل والعقد، وهي قوى تقليدية، حتى ولو أخذت مسميات حديثة، هو الذي يبقي على هذا اللون من الصراعات الدامية، فلابد من إعادة تشكيل حكومة وطنية تعبر عن الإرادة الشعبية الشاملة وليس عن إرادة نخب أو مشايخ قبائل أو قادة عسكريين أو قادة حزبيين.
الجميع مشاركون في الحروب
و أضاف: هذه الحلول لابد ان تستند إلى خلق مصالحة وطنية شاملة، إلى حل يقوم على أساس العدل والانصاف لجرائم الماضي، و التي يعد قادة الحكم هم المسؤولون عنها بالدرجة الأولى.
و أكد أن جرائم حرب 1994م مشارك فيها الجميع، و مثلها حروب صعدة الستة ، و ما يحصل في صعدة أو في أي منطقة من اليمن له علاقة بالماضي، و باستمرار صراعات الماضي، و لن نخرج من اتون حروب الماضي وجرائم وآثام هذا الماضي الآثم، إلا بالخروج من حكم هذه الشرائح والفئات، التي شاركت في كل جرائم الماضي، والانحياز من الأن إلى الثورة الشعبية السلمية و إلى الإرادة الشعبية العامة و إلى المصالحة الوطنية، و تنحية القوى التي ارتكبت جرائم في الماضي، كالقيادات العسكرية الملطخة أياديها بالدم و شيوخ القبيلة التي تمتص دماء الناس وشاركوا في الفتن والحروب وتاجروا بالدماء.

زر الذهاب إلى الأعلى